استعرض وزراء في حكومة دولة الإمارات خلال جلسة حضرها نخبة من المفكرين والعقول والخبراء ومستشرفي المستقبل العالميين المشاركين في حوار التوجهات الكبرى للمستقبل الذي تنظمه حكومة دولة الإمارات بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي في دبي، أبرز التوجهات والمسارات المستقبلية للخمسين عاماً المقبلة في مختلف مجالات العمل الحكومي والعلوم والفضاء والشباب والتكنولوجيا وحلول الذكاء الاصطناعي، بما يسهم في تعزيز مسيرة التنمية والتطوير وبناء مستقبل أفضل للبشرية.
شارك في الجلسة كل من معالي عهود بنت خلفان الرومي وزيرة دولة للتطوير الحكومي والمستقبل، ومعالي شما بنت سهيل المزروعي وزيرة دولة لشؤون الشباب، ومعالي سارة بنت يوسف الأميري وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة، ومعالي عمر سلطان العلماء وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد، بحضور البروفيسور كلاوس شواب مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، وسعادة عبد الله ناصر لوتاه مدير عام مكتب رئاسة الوزراء بوزارة شؤون مجلس الوزراء، وأدارتها مينا العريبي رئيسة تحرير صحيفة “ذا ناشيونال”.
و أكدت معالي عهود بنت خلفان الرومي خلال مشاركتها في الجلسة، أن الخمسين عاما المقبلة تحمل الكثير من المتغيرات والاحتمالات، ورغم صعوبة التنبؤ بها إلا أن دولة الإمارات قادرة على مواجهتها وابتكار الحلول لتحدياتها، تنطلق من روح اتحادها والبناء على رؤى الآباء المؤسسين بالحفاظ على عملية التطور المستدام وبما يضمن بناء أسس قوية للفرص المستقبلية.
و قالت عهود الرومي إن دولة الإمارات تمكنت خلال خمسين عاماً على تأسيسها من تحقيق إنجازات كبرى، وبناء نموذج استثنائي لمركز عالمي منفتح على محيطه والعالم، يتميز بالتسامح والتنوع والنمو المستدام.
و تطرقت وزيرة الدولة للتطوير الحكومي والمستقبل إلى المبادئ العشرة لدولة الإمارات للخمسين عاما المقبلة، التي تركز على بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم وتوفير أفضل مستويات الحياة للمجتمع، مشيرة إلى أن العالم يشهد تطور العديد من النماذج الاقتصادية التي يجب على الحكومات والدول مواكبتها والبناء عليها.
و أضافت إن دولة الإمارات تركز في توجهاتها للمستقبل على تمكين وتطوير رأس المال البشري و الاستثمار في المهارات و المواهب و العقول وتمكين الشباب إلى جانب تحقيق التفوق التكنولوجي والرقمي والعلمي لأننا نؤمن في حكومة الإمارات بأن التكنولوجيا ستسهم في رسم معالم المستقبل، وأن مقاييس قوة الدول لن تقتصر على الجوانب السياسية والاقتصادية بل تبنى على تقدمها العلمي والتكنولوجي أيضا.
وتطرقت عهود الرومي إلى تركيز المبادئ العشرة لدولة الإمارات على محورية تعزيز القيم الإماراتية الأصيلة القائمة على الانفتاح على العالم والتسامح والاحترام وازدهار الإنسان و الدور الذي وضعته الدولة لنفسها بأن تكون قوة للخير والسلام في المنطقة والعالم، تدعم الدول وتبني شراكات استراتيجية وتعاونية من أجل مستقبل عالمي أفضل.
وقالت وزيرة دولة للتطوير الحكومي والمستقبل إن دولة الإمارات تتبنى شعاراً رئيسياً بأننا لا ننتظر المستقبل بل نصنعه، ما يعكس منظورها لأهمية الجاهزية للمستقبل وهو منظور متعدد الأوجه والمستويات، مشيرة إلى أن المستقبل ينطوي على تحديات لكنه يعد بفرص كبرى وأن الحكومات يجب أن تكون مستعدة لذلك من خلال تبني عقلية جديدة وبناء قدرات جديدة ومهارات جديدة، وتطوير نماذج عمل جديدة، وابتكار نموذج مختلف للشراكة من أجل المستقبل يركز على أن صناعة المستقبل مهمة مشتركة يساهم الجميع في تحقيقها، إضافة إلى أن على الحكومات وضع موضوع الجاهزية ضمن أولوياتها الكبرى التي لا تقل أهمية عن أي تحد مستقبلي قد تواجهه.
و أضافت عهود الرومي إن ما يشهده العالم من تطور تكنولوجي متسارع يؤكد أن المستقبل رقمي بامتياز، ويؤشر إلى أن التطور الرقمي سيمكن الحكومات من تحقيق إنجازات غير مسبوقة بطرق ووسائل جديدة لا تتطلب استخدام القوالب القديمة التي التزمت بها الحكومات على مدى عشرات السنوات .. مؤكدة أن هذا التطور يتطلب من الحكومات الانتقال من عقلية إنجاز المهام رقميا إلى نموذج العقلية الرقمية التي تعيد تصميم وتعريف كل تفاصيل ونماذج عمل الحكومات وأشارت إلى أن على الحكومات مواكبة التطورات المتسارعة مثل “الميتافيرس” الذي يدمج العالم الرقمي بالواقعي، والتأكد من أن منهجياتها ونظم عملها قابلة للتطور وجاهزة لهذا المستقبل.
و أوضحت أن الجاهزية الحكومية كانت أبرز الدروس التي أفرزتها جائحة فيروس كورونا المستجد، وأن حكومة دولة الإمارات عندما أطلقت قبل 21 عاما برنامج الحكومة الإلكترونية لم يكن هناك حاجة ملحة لمثل هذا البرنامج، لكن هذه الرؤية الاستباقية أثمرت مرونة كبيرة في أطر عمل الحكومة التي تمكنت من الحفاظ على استمرارية أعمالها طوال فترة الجائحة بأعلى مستويات الكفاءة، مؤكدة أنه في عملية بناء الجاهزية للمستقبل كلما كانت الخطوات مبكرة كانت الحكومة أكثر استعدادا.
وفيما يخص نموذج الشراكات الحكومية مع القطاع الخاص، أكدت عهود الرومي أهمية إعادة تعريف وتصميم الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص وتحويله إلى مفهوم “شراكات المستقبل” التي تركز على توحيد وتكامل الجهود بين القطاعين، وتوسيع مدى الشراكة لتشمل المجتمع والمعنيين من الأفراد والمؤسسات، وشددت على أن المستقبل سيحمل فرصاً كبيرة تتطلب تعزيز التعاون بين الدول والحكومات ورواد الأعمال، وشراكة فاعلة بينهم جميعا في المسؤولية والعمل، لأن المستقبل مترابط وليس من الممكن صناعته إلا بأداء جماعي متناغم ومتناسق وتكاملي.
من جهتها، أكدت معالي شما سهيل المزروعي وزيرة دولة للشباب أن دولة الإمارات ملتزمة بتمكين الشباب وتزويدهم بالمهارات والقدرات اللازمة لتمكينهم وتأهيلهم للمستقبل بحيث تطوّر كافة المبادرات لإشراك الشباب في صنع القرار الاستماع إلى آرائهم وتطلعاتهم وطموحاتهم نحو المستقبل..
وقالت إن “دولة الإمارات تمكنت خلال الخمسين عاما الماضية، من تحقيق مستحيلات عديدة، في تعزيز دور الشباب، وتطوير النظام التعليمي، وتمكين المرأة وتحقيق التوازن بين الجنسين”.
وأضافت إن دولة الإمارات أثبتت قدرتها على وضع منظومة فرص متكاملة و معرفة الممكنات التي يحملها الواقع لتستطيع بذلك تخيل مستقبل أفضل للجميع، من خلال إطلاق مبادرات رئيسية للشباب الإماراتي أهمها سياسة إشراك الشباب التي تركز على محاور عديدة، في مقدمتها الاستماع إليهم، وجمع أهم البيانات لصنع القرار، ووضع الشباب في جوهر الاستراتيجية التنموية للدولة.
و أوضحت شما المزروعي أن مبادرات حكومة دولة الإمارات انعكست على مشاركة الشباب، حيث تركز مجالس الشباب على مستوى الدولة على العمل مع الحكومات المحلية لتطوير المجتمعات التي يعيشون بها، ومن ضمنها تعزيز الصحة النفسية، وتطوير مبادرات الاستدامة، والتغير المناخي وهي نسبة قليلة مما يمكن للمجتمعات والحكومات أن تحققه إذا تم تمكين الشباب بالصورة الصحيحة.
و أكدت أن توجهات الشباب للمستقبل تغيرت بالمقارنة مع السنوات الماضية وهذا الأمر انعكس بالفعل على أحدث “استطلاع أولويات الشباب العربي 2021″، الذي تبين من خلاله التغييرات الواضحة في توجهات الشباب، التي أصبحت تتسم بالطموح والإيجابية والتفاؤل بمستقبل أفضل للمنطقة.
و أشارت وزيرة دولة لشؤون الشباب إلى أن تغيّر هذه التوجهات جاء نتيجة لتغير دور الشباب في المجتمع ليصبحوا شركاء في صنع القرار وتحديد مسار المستقبل حيث أظهر الاستطلاع أن نحو 100% من الشباب الإماراتي يثق في حكومة دولة الإمارات لمواجهة التحديات ومعالجة القضايا التي تواجههم، فيما ارتفعت نسبة الشباب العربي الذي يثقون بحكوماتهم إلى أكثر من 70% هذا العام، ما يمثل مؤشرا على ثقتهم باستماع حكوماتهم إلى أفكارهم.
و أوضحت أن الاستطلاع أظهر هذه الآمال والتفاؤل بالمستقبل من خلال الإحصاءات التي تم نشرها، حيث يرى 60% من الشباب العربي أن المستقبل أفضل، مقابل 90% من الشباب الإماراتي.. وقالت “مع هذه النتائج ينبغي طرح سؤال مهم على الحكومات، كيف يمكن للحكومات أن تبني المستقبل بناءً على آراء الشباب، وخصوصاً أنهم يفكرون أولاً في الاستدامة، والتغير المناخي، وأثر هذه القضايا على مستقبلهم، وتطلعهم لاستثمار الحكومات في قدراتهم وإعدادهم للمستقبل وتمكينهم بالمهارات اللازمة”.
من جانبها أشارت معالي سارة بنت يوسف الأميري وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة إلى أن النمو المستمر للدولة خلال الخمسين عاما الماضية كان أحد أهم العوامل التي ساهمت بوصول الدولة إلى موقعها الحالي لأنه كان علينا أن ننمو بمعدل متزايد في الخمسين عاماً التي مرت وحالة الحركة النمو والتطور المستمرة، دون توقف.